تعد الحبوب من أهم المحاصيل الزراعية التي تلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجات الغذاء العالمية، بالنسبة للجزائر هو الأهم حاليا لتحقيق الاكتفاء الذاتي في ظل التحديات التي تواجهها بلادنا من التغيرات المناخية وتداعيات الأزمة الاقتصادية بحيث يعتبر أمرًا هامًا للحفاظ على استقرار الاقتصاد ومعيشة المواطنين

  في ظل هذه الظروف تسعى الدولة حاليا إلي زيادة المساحات والأراضي الصحراوية والاستثمار في مجال زراعة الحبوب من اجل خلق التوازن والحصول على محصول نهائي بالكمية التي لا تحيد إلا بقدر ممكن عن الكمية المتوقعة بالنسبة للأصناف والسلالات المزروعة  من قمح صلب ولين وكذا الشعير 

استراتيجية المعهد في مرافقة شعبة الحبوب بعد الحصاد

تعتبر فترة ما بعد الحصاد حاسمة لضمان الجودة و القيمة الغذائية للحبوب المحصودة بحيث يمكن ان تؤثر الخطوات المتخذة بعد الحصاد بشكل كبير على جودة الحبوب و امكانية تخزينها و تسويقها لاحقا و تقليل الخسائر وكذا ضمان لمجهود الفلاح المزارع في الحقل لفترة لا تقل عن 06 شهور من العمل المتواصل ليحقق عائدًا ماديًا واقتصاديًا باستعمال المدخلات الفلاحية التي وضعها في الأرض مثل البذور، الأسمدة ، مبيدات الأعشاب الضارة و الأمراض الفطرية وغيرها من أجل الحصول على أفضل إنتاج و تخزينه في أحسن الظروف.

تم الإعلان الرسمي عن انطلاق حملة الحصاد والدرس في جل ولايات الوطن للموسم الفلاحي 2022/2023 بعدما شهدت الجزائر ظروف مناخية استثنائية ميزت هذا الموسم الفلاحي بجفاف واسع النطاق خصوصا في الولايات الوسطى و الغربية  للوطن انطلاقا من ولايتي الشلف و عين الدفلى وصولا إلى تلمسان بالنسبة للزراعات التي تعتمد على التساقطات المطرية.

قام المعهد الوطني لحماية النباتات ممثلا في محطته الجهوية بالشلف باعتبارها من أهم الفاعلين في قطاع الفلاحة في المنطقة لإنجاح المواسم الفلاحية المتعاقبة،  بتأطير الفلاحين حول كل ما يخص المشاكل الصحية التي تواجه زراعة الحبوب و المشاركة في انطلاق مراسيم حملة الحصاد والدرس للموسم 2022/2023 عبر الولايات التابعة لها إقليميا وإسداء نصائح للمشاركين تمكنهم من مواجهة التحديات الزراعية وتحسين الإنتاجية والاستدامة في القطاع الزراعي و حماية هذا المنتوج الاستراتيجي قبل و بعد عملية جنيه.

عملية تخزين الحبوب بشتى انواعها تعتبر أمرًا مهمًا جدًا لعدة أسباب تتعلق بالأمن الغذائي واقتصاد الدولة والمزارعين خاصة في حالات عدم توفر المحصول في أوقات العجز مثل الشتاء أو فترات الجفاف و ذلك لتجنب النقص والأزمات الغذائية بحيث يعزز استقرار الأسواق ومنع التقلبات الكبيرة في أسعار القمح، مما يساعد على الحد من التضخم وتعزيز الاقتصاد.

هناك عدة تدابير يجب الاستناد عليها بهدف الحفاظ على جودة الحبوب والتربة وتحسين صحة الحقول وإعدادها للمحاصيل اللاحقة، وبالتالي تعزيز إنتاجية المزرعة على المدى الطويل مباشرة بعد حصاد الحبوب.

 بما ان  الأرض هي مهد الزراعة فهي تحتاج إلى العناية والتجهيز للزراعات اللاحقة بعد عملية الحصاد  و تحسين خصوبتها وزيادة انتاجيتها بحيث ينصح بالقيام بعملية حراثة للتربة باستخدام الجرارات و الآلات اللازمة لتهوية التربة وتحسين تجانسها وإزالة أي بقايا نباتية من الحبوب المحصودة و الاعشاب

للتقليل من انتقال الآفات والأمراض بين المواسم الزراعية  و كذا حماية الحقول من الحرائق بعد عملية الحصاد.

أما بالنسبة للتدابير الخاصة بتخزين القمح بعد الحصاد و التي تعتبر جزءًا حاسمًا للحفاظ على جودة الحبوب وتجنب تدهورها فيجب إتباع بعض التوصيات الخاصة لضمان تخزين القمح بشكل صحيح وآمن حيث أن التخزين السليم يسهم في الحفاظ على الحبوب الصالحة للاستهلاك البشري والاستفادة منها بشكل أفضل في الفترة الزراعية القادمة.

من أولى الخطوات الحاسمة هي تجفيف محصول القمح بشكل جيد بعد حصاده لتقليل نسبة الرطوبة فيه إلى مستوى آمن، بحيث ينصح أن تكون نسبة الرطوبة في القمح المخزن حوالي 14٪ لمنع نمو العفن والفطريات و وضعه في أماكن جافة وجيدة  و في أكياس متينة ومناسبة الحجم لمنع تلفه و تعرضه للحشرات و من الضروري تنظيف الحبوب و فرزها بعناية من الشوائب والأجسام الغريبة و بقايا النباتات و الحشرات  التي يمكن أن تلوث المجموعة بأكملها ، هذا الإجراء يمنع تكون الجيوب الهوائية في صوامع التخزين.

تعتبر مكافحة الآفات جانبا أساسيا من جوانب حفظ الحبوب بعد الحصاد بحيث يمكن استخدام طرق الادارة المتكاملة للآفات مثل التهوية و الفرز و استخدام الطرق البيولوجية و الكيميائية للسيطرة على هجوم الحشرات و القوارض او الاصابة بالتعفنات نتيجة ارتفاع الرطوبة او سوء التهوية في المخازن لذلك يمكن استخدام الفخاخ والمبيدات الآمنة للحبوب و المرخصة لهذا الغرض و كذا يجب فحص القمح بشكل دوري أثناء التخزين للتحقق من عدم وجود أي تلف أو تجاعيد و يجب التخلص من أي حبوب تبدو متضررة أو مصابة بالعفن.

 يعتبر تدريب و تكوين المزارعين والعاملين في مجال الزراعة و التخزين على أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة حلقة اساسية في تعزيز الاستدامة في مجال تخزين الحبوب والحفاظ على التربة.

تعد التدابير التي يجب اتخاذها بعد عملية حصاد الحبوب أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على جودتها ومنع فسادها و ضمان الربح المادي للمزارعين بحيث يتطلب الأمر اهتمامًا دقيقًا بكافة العوامل المؤثرة في جودة الحبوب، بدءًا من التجفيف المناسب، و السيطرة على الامراض و الحشرات لضمان توفر إمدادات غذائية صحية وآمنة.

في هذا الصدد تسعى الدولة الجزائرية في اطار البرنامج الوطني لتعزيز قدرات التخزين في مجال الحبوب إلى انشاء  مركب استراتيجي لتخزين الحبوب في ولاية عين الدفلى تحديدا في بلدية العطاف  و كانت إشارة إنطلاق  الانجاز يوم 08 جويلية  2023 تحت رعاية السيد وزير الفلاحة و التنمية الريفية